فأبين وأرادوا الرجوع إلى المدينة، فأحضر لهم المحامل وزينها وأمر بالأنطاع الإبريسم، وصب عليها الأموال وقال: يا أم كلثوم خذوا هذا المال عوض ما أصابكم فقالت أم كلثوم: يا يزيد ما أقل حياءك وأصلب وجهك؟ تقتل أخي وأهل بيتي وتعطيني عوضهم؟
ثم قال: وأما أم كلثوم فحين توجهت إلى المدينة، جعلت تبكي وتقول:
مدينة جدنا لا تقبلينا * فبالحسرات والأحزان جئنا ألا فأخبر رسول الله عنا * بأنا قد فجعنا في أبينا وأن رجالنا بالطف صرعى * بلا رؤس وقد ذبحوا البنينا وأخبر جدنا أنا أسرنا * وبعد الأسر يا جدا سبينا ورهطك يا رسول الله أضحوا * عرايا بالطفوف مسلبينا وقد ذبحوا الحسين ولم يراعوا * جنابك يا رسول الله فينا فلو نظرت عيونك للأسارى * على أقتاب الجمال محملينا رسول الله بعد الصون صارت * عيون الناس ناظرة إلينا وكنت تحوطنا حتى تولت * عيونك ثارت الأعدا علينا أفاطم لو نظرت إلى السبايا * بناتك في البلاد مشتتينا أفاطم لو نظرت إلى الحيارى * ولو أبصرت زين العابدينا أفاطم لو رأيتينا سهارى * ومن سهر الليالي قد عمينا أفاطم ما لقيتي من عداكي * ولا قيراط مما قد لقينا فلو دامت حياتك لم تزالي * إلى يوم القيامة تندبينا وعرج بالبقيع وقف وناد * أيا ابن حبيب رب العالمينا وقل يا عم يا حسن المزكى * عيال أخيك أضحوا ضائعينا أيا عماه إن أخاك أضحى * بعيدا عنك بالرمضا رهينا بلا رأس تنوح عليه جهرا * طيور والوحوش الموحشينا ولو عاينت يا مولاي ساقوا * حريما لا يجدن لهم معينا